Page 55 - web
P. 55
الباحثـون الذيـن نهضـوا بالدراسـة المنشـورة في «لانسـيت» ،الأعضـاء في وللأسـف ،مـع تزايـد أعـداد البكتيريـا المقاومـة للأدويـة ،سـتصير العمليـات
«المشـروع العالمـي للبحـوث حـول مقاومـة مضـادات الميكروبـات» ،دعـوا الطبيـة الروتينيـة التـي تعتمـد على المضـادات الحيويـة لمنـع العـدوى ،مـن قبيـل
حكومـات البالد إلى التعجيـل في الاسـتجابة للأزمـة المتفاقمـة ،علمـاً أنهـا الجراحـات القيصريـة والعالج الكيمـاوي وزرع الأعضـاء واسـتبدال المفاصـل،
ليسـت مهمـة سـهلة في وقـت مـا زالـت بالد كثيرة تصـارع «كوفيـد.»19 -
إذاً كيـف تكـون الإجـراءات المجديـة؟ وفـق العلمـاء ،يعـد الحـد مـن تفشي شـديدة الخطـورة أو المسـتحيلة.
«مقاومـة مضـادات الميكروبـات» في المقـام الأول خطـوة بالغـة الأهميـة. على مـا يبـدو ،أدى اسـتخدام المضـادات الحيويـة في تربيـة الماشـية إلى تسـريع
ويشـتمل ذلـك على تعزيـز تدابير الوقايـة مـن العـدوى القائمـة على الرعايـة هـذه المشـكلة .على الصعيـد العالمـي ،اسـتهلكت الحيوانـات التـي تربـى مـن
في المستشـفيات والمجتمـع .كذلـك تعـد الميـاه النظيفـة والبنـى التحتيـة العاملـة أجـل الاسـتفادة مـن لحومهـا ثلثـي المضـادات الحيويـة بغـرض الحـد مـن انتشـار
الأمراض .ما أدى إلى تأجيج تطور الكائنات المسببة للأمراض المقاومة للأدوية،
الخاصـة بالصـرف الصحـي أمريـن جوهريين أيضـاً في هـذا المجـال.
كذلـك ثمـة لقاحـات مضـادة في مقدورهـا توفير الحمايـة مـن العـدوى، ذات القـدرة على إلحـاق الضـرر بنـا كبشـر تمامـاً كمـا تـؤذي الحيوانـات.
وتاليـاً خفـض الحاجـة إلى اسـتخدام مضـادات حيويـة .تعلـو أصـوات العلمـاء في مراجعـة تعـود إلى عـام ،2016استشـهد بهـا على نطـاق واسـع وتولـت
للمطالبـة بتوظيـف الاسـتثمارات في تطويـر جرعـات تحصينيـة ضـد كثير مـن الإشـراف علىهـا المملكـة المتحـدة ،بتكليـف مـن ديفيـد كاميرون ،رئيـس الـوزراء
الكائنات الدقيقة الممرضة التي تتسبب بأزمة «مقاومة مضادات الميكروبات». البريطـاني السـابق ،تشير التقديـرات إلى أن الكائنـات الدقيقـة الضـارة الخارقـة
أظهـرت لقاحـات «كوفيـد» أن التحيل بـالإرادة يوفـر الوسـيلة [العـزم على أمـر أودت بحيـاة 700ألـف شـخص في السـنة .كذلـك حـذرت المراجعـة مـن أن
يـؤدي إلى شـق الطريـق إليـه] ،فلمـاذا تكـون الاسـتجابة لمقاومـة مضـادات 10ملايين شـخص سـيفارقون الحيـاة سـنوياً بسـبب «مقاومـة مضـادات
الميكروبـات مختلفـة؟ الميكروبـات» بحلـول ،2050إذا لـم تتخـذ الإجـراءات اللازمـة.
تشـمل التدابير الأخـرى التـي تجـدي نفعـاً في التصـدي لمشـكلة «مقاومـة ولكـن الأرقـام المذكـورة سـابقاً تقلـل كثيراً ،على مـا يبـدو ،مـن بـؤس الواقـع
مضـادات الميكروبـات» خفـض التعـرض للمضـادات الحيويـة التـي لا يتوخـى
منهـا عالج أمـراض بشـرية ،كمـا في مـزارع تربيـة المـواشي ،وتخفيـف اسـتخدام الـذي نواجهـه الآن ،وفـق دراسـة «لانسـيت».
هـذه الأدويـة إلى الحـد الأدنى عندمـا تكـون غير ضروريـة لتحسين صحـة وجدت الدراسة أن لدى البلاد ذات الدخل المرتفع ،وعلى الرغم من أنظمتها
الصحيـة المتقدمـة« ،مسـتويات عاليـة تثير الجـزع» [تـدق ناقـوس الخطـر]
الإنسـان ،مثـل اسـتعمالها في عالج حـالات العـدوى الفيروسـية. مـن آثـار «مقاومـة مضـادات الميكروبـات» .مثالً« ،الإشـريكية القولونيـة» («إي
كشف لنا «كوفيد »-19ما يحصل حين ُيباغت العالم على حين غرة ،وانتهى كـولاي» ،)E. coliالتـي تـؤدي غالبـاً إلى الإصابـة بالتهـاب الكليتين ،كذلـك
ذلـك إلى خسـارة ملايين الأرواح .لكنـه أيضـاً أثبـت قـدرة العلـم ،إلى جانـب «المكـورات العنقوديـة الذهبيـة» ( ،)Staphylococcus aureusالتـي
تحـدث في صفـوف مـن يرتددون على المستشـفيات [أو أماكـن الرعايـة الصحيـة
صمـود الـروح البشـرية ،في التغلـب على الجانـب المظلـم مـن الطبيعـة. الأخـرى] ،وتتمتـع بالقـدرة على مقاومـة المضـاد الحيـوي «ميثيسـيلين»،
يبقـى أن «مقاومـة مضـادات الميكروبـات» كارثـة أخـرى على وشـك الحـدوث.
وقـد أخـذت المشـكلات تتبـدى .لـذا لا وقـت يسـمح لنـا بالتأخـر في الشـروع تعتربان مـن بين أكرب مسـببات الوفـاة.
ولكـن ،وكمـا الحـال دائمـاً في مـا يتصـل بمسـائل الصحـة العالميـة والأمـراض،
بالمعركـة العالميـة ضدهـا. تبقـى البالد الأشـد فقـراً الأكرث تضـرراً .يقـاسي غـرب إفريقيـا جنـوب الصحـراء
الكربى ،حيـث تقـع الكاميرون ونيجيريـا والغابـون ،أعلى معـدل وفيـات ُيعـزى
إلى «مقاومـة مضـادات الميكروبـات» ،إذ بلـغ 27.3حالـة وفـاة لـكل 100ألـف
شـخص.
وقـد توصـل التحليـل إلى أن حـالات العـدوى التـي تصيـب الجهـاز التنفسي
ومجـرى الـدم والمعـدة ،التـي كان علاجهـا ممكنـاً ذات يـوم ،تتسـبب بوفـاة
مئـات الآلاف مـن الأشـخاص الآن.
أمـا دفاعاتنـا المهمـة في مواجهـة بعـض أخطـر الكائنـات المميتـة في العالـم،
فتتهـاوى أيضـاً في مواجهـة «مقاومـة مضـادات الميكروبـات» .ففـي ،2018
أصيـب مـا يقـدر بنحـو نصـف مليـون شـخص بنـوع مـن السـل اكتسـب مقاومـة
لأحـد أكرث العلاجـات فاعليـة.
تبـدو الصـورة قاتمـة ،لا ريـب .لسـنا نبالـغ إذا قلنـا :إن في مقـدور «مقاومـة
مضـادات الميكروبـات» إضعـاف أسـس الطـب الحديـث ،وهـي تشـكل مـن هـذا
المنطلـق ،أحـد أكرب التحديـات التـي تواجـه البشـرية.
55 440